الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تابع لمعة الاعتقاد
51568 مشاهدة
أمثلة للأمور الغيبية

...............................................................................


ثم ذكر الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالغيب. يجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الغيبية، وصح فيه النقل فيما شاهدناه أو غاب عنا، فالذي شاهدناه كالمعجزات ونقلها الصحابة فنؤمن بها، والذي غاب عنا كأشراط الساعة وعذاب القبر وما أشبهه، نعلم أن الجميع حق وصدق، ولا نفرق بين ذلك؛ سواء عقلناه أو جهلناه، يعني: قد يكون بعض الأشياء لا تبلغها عقولنا فنصدق بها، ونقول: إنها حق، ولا عبرة بمن كذب بذلك.
وكذلك الشيء الذي لم نطلع على حقيقة معناه، مثال ذلك: الإسراء والمعراج، أنكره كفار قريش، لما قال لهم: إنه أسري بي البارحة إلى بيت المقدس ثم رجعت في ليلتي. فأعظموا ذلك وأكبروه، وقالوا: نحن نذهب مسيرة شهر، ثم نرجع مسيرة شهر، وأنت ذهبت ورجعت في ليلة؟‍‍‍‍! هذا لا يكون. فكذبوه في ذلك، وأنزل الله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وكذلك أيضا المعراج، أنه عرج به إلى السماء السابعة، وفرضت عليه الصلوات الخمس، ثم رجع في ليله، وكان ذلك يقظة لا مناما. قريش أنكرته وأكبرته، ولم تكن تنكر المنامات، الإنسان يرى في نومه أنه ذهب إلى كذا وكذا، وأنه ما تنكر الأحلام؛ ولكن هذا دليل على أنه كان يقظة، وأنه أسري بجسده وروحه جميعا. وإن أنكر ذلك من أنكره، لما أخبر أبو بكر قيل له: إن صاحبك يزعم أنه ذهب به البارحة إلى بيت المقدس ثم رجع. فقال: صدق، إني أصدقه في أعجب من ذلك، أصدقه في خبر السماء. بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين كل سماء إلى سماء كذلك؛ ومع ذلك ينزل الملك من السماء العليا في لحظات ويخاطب النبي صلى الله عليه وسلم. دليل على أن ذلك في قدرة الله تعالى يسير، وأنه قادر على كل شيء، أقدر هذا الملك بخفته، أن يقطع هذه المسافات في لحظات.